ظهور دولة العراق والشام الإسلامية (داعش) في أوائل العقد 2010، مع احتلال مناطق واسعة في العراق وسوريا وارتكاب جرائم مروعة، هل كان هذا الظهور حدثًا عشوائيًا أم هناك قصة أخرى؟ نظمي نو لديه أدلة ووثائق موثوقة تُظهر أن الولايات المتحدة قامت عن وعي وبخطط مسبقة بخلق داعش لتحقيق أهدافها الجيوسياسية، بما في ذلك تقسيم المنطقة وفقًا لمشاريع ینون، “كليان بريك” ومشروع القرن الأمريكي الجديد (PNAC).

الخلفية التاريخية، غزو الولايات المتحدة للعراق

غزو أمريكا للعراق في عام 2003، الذي بدأ بذريعة أسلحة الدمار الشامل والارتباط بالإرهاب، كان في الحقيقة خطوة متعمدة لإحداث فراغ في السلطة وزعزعة الاستقرار في المنطقة. حل الجيش العراقي وسياسة إزالة البعث، التي أدت إلى استبعاد السنة من السلطة وخلق استياء واسع، كانت جزءًا من خطة محسوبة لتهيئة الظروف لظهور الجماعات المتطرفة. هذا الانعدام في الاستقرار خلق بيئة مناسبة لنمو القاعدة في العراق (AQI) بقيادة أبو مصعب الزرقاوي. الزرقاوي وجماعته الذين كانوا خلال حكم صدام يحظون بدعم مالي وعسكري من الولايات المتحدة لمحاربة حزب البعث، تحوّلوا لاحقًا إلى دولة العراق الإسلامية (ISI) ثم إلى دولة العراق والشام الإسلامية، أو داعش (ISIS). باختصار، كانوا أداة في يد أمريكا لتنفيذ استراتيجياتها.1

تهاجم آمریکا به عراق
نقش آمریکا در شکل گیری داعش (1)

الحرب الأهلية في سوريا، قطعة أخرى من الأحجية

بداية الحرب الأهلية السورية في عام 2011 أتاح فرصة جديدة لتوسع ISI. مع تصاعد النزاعات، حاربت مجموعات المعارضة المختلفة، بما فيها الجماعات الإسلامية، ضد نظام بشار الأسد. دعمت الولايات المتحدة إلى جانب قوى غربية وإقليمية أخرى مثل السعودية وقطر وتركيا، المعارضة بهدف إسقاط الأسد، بالمال والسلاح والتدريب.2
لكن المعارضة السورية لم تكن كتلة موحدة، وكان بعضهم يحمل أيديولوجيات متطرفة. تشير التقارير إلى أن بعض الأسلحة، مثل صواريخ TOW المضادة للدبابات المصنعة في أمريكا، وصلت إلى جماعات متطرفة بينها داعش3 . في عام 2013، تحولت ISI إلى دولة العراق والشام الإسلامية (داعش أو ISIS) وبرزت بسرعة بين الجماعات المعارضة.

وثيقة DIA لعام 2012

وثيقة سرية من وكالة الاستخبارات الدفاعية (DIA) عام 2012 تُعتبر دليلاً على تدخل الولايات المتحدة في ظهور داعش. هذه الوثيقة التي نُشرت عام 2015 عبر طلب حرية المعلومات، تستعرض الوضع في سوريا وتذكر أن “الغرب ودول الخليج وتركيا يدعمون المعارضة السورية” وأن “هناك احتمالًا لإنشاء إمارة سلفية معلنة أو غير معلنة في شرق سوريا (الحسكة ودير الزور)، وهذا بالضبط ما تريده القوى الداعمة للمعارضة لعزل النظام السوري الذي يعتبر عمقًا استراتيجيًا لإيران”.4

تُظهر الوثيقة أن الولايات المتحدة وحلفاءها كانوا على علم بإمكانية إنشاء كيان سلفي واعتبروه وسيلة للضغط على نظام الأسد. أكد مايكل فلين، مدير DIA من 2012 إلى 2014، لاحقًا دقة هذا التقرير وأن البيت الأبيض تجاهله عمدًا.5

تحليل دور الولايات المتحدة في ظهور داعش

الولايات المتحدة، مع علمها الكامل بعواقب أفعالها، خلقت عمدًا الظروف التي سهّلت ظهور داعش. غزو العراق في 2003 زعزع استقرار المنطقة وخلق فراغ سلطة استغله المتطرفون مثل AQI. دعم المعارضة السورية، التي تضمنت عناصر متشددة، وفر موارد وفرص لتوسع داعش.6
تصريحات مسؤولين سابقين مثل مايكل فلين تظهر أن الولايات المتحدة قررت دعم مجموعات تضمنت عناصر متطرفة رغم معرفتها بالمخاطر. بالرغم من أن السياسة الرسمية كانت دعم المعتدلين، فإن تكرار الإخفاقات في إيصال المساعدات للمعتدلين يوضح أن الولايات المتحدة تعمدت صعود المتطرفين. على سبيل المثال، برنامج البنتاغون لتدريب المعارضة السورية عام 2014 الذي أنتج 150 مقاتلًا، توقف عام 2015 بسبب مساعدة المتطرفين.7

سهلت الولايات المتحدة والناتو بعد إسقاط القذافي في ليبيا، نقل الأسلحة من مخازن ليبيا إلى سوريا عبر شبكة سرية (“rat line”) بالتعاون مع تركيا والسعودية وقطر، حيث وصلت هذه الأسلحة إلى المعارضة ومن بينهم الجماعات التي انضمت لداعش.
في يونيو 2014، استولى داعش على كميات كبيرة من المعدات العسكرية الأمريكية في العراق ونقلها إلى سوريا دون أي تدخل من الولايات المتحدة، رغم قدرتها على مهاجمة قوافل داعش.8
كما لعب حلفاء الولايات المتحدة، مثل السعودية وتركيا وقطر، دورًا مهمًا في التمويل والدعم اللوجستي لداعش. السعودية دعمت في السنوات الأولى للثورة السورية، وتركيا عبر حدودها، وقطر بالتمويل. الولايات المتحدة تجاهلت هذه الأفعال أو شاركت فيها بشكل غير مباشر. اعترف جو بايدن، نائب رئيس الولايات المتحدة، في جلسة أسئلة وأجوبة في هارفارد، بهذا الأمر، وإن نفى أي تأييد مباشر.9

الخلاصة أن نمو داعش ليس نتيجة خطأ غير مقصود من صانعي السياسات الأمريكيين، بل هو جزء من قرار مخطط له لإسقاط الحكومات الوطنية في الشرق الأوسط باستخدام الجماعات المتطرفة.10

الولايات المتحدة من خلال تدخلاتها العسكرية وسياساتها الخارجية، خاصة غزو العراق 2003 ودعم المعارضة السورية، خلقت داعش عمدًا وبخطط مسبقة. وثيقة DIA 2012 وتصريحات المسؤولين السابقين تؤكد وعي ونية أمريكا باستخدام داعش كأداة لزعزعة الاستقرار وتقسيم الشرق الأوسط ضمن استراتيجياتها تحت مشاريع ینون، كليان بريك، وPNAC. ظهور داعش لم يكن خطأ، بل نتيجة مخطط لهذه السياسات.

 

الحرب بين إيران وإسرائيل، الفينيق ينهض!

المصادر

1.
ويكيبيديا: صفحة "إسرائيل الكبرى"
2.
مركز ويلسون: الحرب الأهلية في سوريا، قطعة أخرى من اللغز
3.
ويكيبيديا: صواريخ أمريكية بيد داعش
4.
غلوبال ريسيرش: وثيقة وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية (DIA) لعام 2012
5.
فورين بوليسي جورنال: علم الولايات المتحدة باحتمال نشوء كيان سلفي

https://www.foreignpolicyjournal.com/2016/07/01/obama-and-the-dia-islamic-state-memo-what-trump-gets-right

6.
مجلة الغارديان: تحليل دور الولايات المتحدة في صعود داعش
7.
مركز ويلسون: دعم الولايات المتحدة لتنظيم داعش
8.
نادي تحليل المؤامرات: نقل الأسلحة من ليبيا إلى سوريا وجماعات منها داعش

https://web.archive.org/web/20150607230402/http://www.conspiracyclub.co/2015/05/18/here-is-the-proof-cia-created-isis

10.
واشنطن بوست: صعود داعش على يد صُنّاع القرار في الولايات المتحدة

لا وجهات النظر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *