تحليل شامل لمصالح انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون والبريكس
انضمام إيران الرسمي إلى منظمتين دوليتين بارزتين، «منظمة شنغهاي للتعاون» و«البريكس»، في عامي 1402 و1403 هـ ش (2023 و2024 م)، شكّل نقطة تحول في استراتيجية تنويع الشركاء والمتعاونين الدوليين وتعزيز القدرة الاقتصادية في مواجهة ضغوط الغرب. ففي 4 تموز/يوليو 2023، قُبِلَت إيران كعضو دائم في منظمة شنغهاي، وفي أعقاب «إعلان جوهانسبرغ» بتاريخ 24 آب/أغسطس 2023، انضمت رسمياً إلى البريكس ابتداءً من 1 كانون الثاني/يناير 2024؛ وهي أحداث تزامنت مع التحول الملموس في النظام الإقليمي نحو تعاون الجنوب العالمي وتراجع الدور الهيمني (التسلطي) للدولار.
تكمن أهمية هذين الانضمامين فيما يتجاوز الرمزية السياسية. فقد أكدت البريكس في وثائقها الرسمية لعام 2024 على «توسيع استخدام العملات الوطنية في التجارة والعلاقات المالية الدولية» وتطوير البنى التحتية للدفع والتسوية عبر الحدود؛ وهو مسار يهدف إلى الحد من آثار «تسليح الدولار» على اقتصادات الدول الخاضعة للعقوبات. ومن جانب آخر، ركزت منظمة شنغهاي أيضاً في آخر قممها على تعميق التعاون المالي، ودراسة إنشاء مؤسسات ائتمانية مشتركة، وتعزيز التسوية بالعملات الوطنية. هذا المسار يعزز مباشرة قدرة الصمود والمقاومة لدى إيران والدول الأعضاء الأخرى في هذه المنظمات أمام القيود المالية الغربية.
كما تُظهر بيانات التجارة الخارجية أن تركيز إيران على الأسواق الآسيوية وأعضاء البريكس قد تسارع. ووفقاً للتقارير الرسمية للجمارك الإيرانية، بلغت المبادلات مع أعضاء البريكس خلال السنوات التي سبقت العضوية الرسمية عشرات مليارات الدولارات، حيث كانت الصين والهند وروسيا من بين أهم الوجهات والمصادر التجارية لإيران. هذا التقارب، حين يُضاف إلى مسارات النقل المرتبطة بالتكامل الأوراسي والمبادرات المالية الجديدة للبريكس، يشكل إطاراً عملياً لتقليل كلفة العقوبات وتنويع تدفقات التجارة ورأس المال.


تعدد الأقطاب في الحوكمة العالمية
على المستوى الاستراتيجي، يتكامل انضمام إيران إلى هذين التكتلين مع الخطاب الناشئ حول «تعدد الأقطاب في الحوكمة العالمية»؛ وهو خطاب طُرح بوضوح أكبر في سلسلة قمم شنغهاي والبريكس بين 2023 و2025، ويشمل كل شيء من إصلاح المؤسسات الدولية إلى بلورة تقاربات مالية بديلة. ومن هذا المنظور، فإن عضوية إيران لا تُعد مجرد رد فعل على العقوبات، بل فعل لإعادة تعريف موقع البلاد في شبكات القوة والإنتاج والتجارة الإقليمية والمستقلة؛ وهو فعل تتضح ثماره أكثر من أي وقت مضى عبر قنوات التسويات غير الدولارية وتقليص مخاطر سلاسل التوريد.
في هذه المقالة، يستند «نظمي نو» إلى الوثائق الرسمية للمنظمتين والبيانات المحدثة، ليعيد أولاً بناء المسار القانوني والمؤسسي لعضوية إيران في شنغهاي والبريكس؛ ثم يحلل الآليات المحددة لـ«التحايل القانوني على العقوبات» (من الاستخدام الموجّه للعملات الوطنية إلى دمج البنى التحتية للدفع)؛ وفي الختام، يستعرض الفرص والقيود التنفيذية (من فجوات الحوكمة الاقتصادية إلى تحديات مواءمة القواعد التنظيمية) بغية صياغة سياسات واقعية.
انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون (SCO)؛ تحقيق الأمن وتعزيز الاتصالات
انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون يشكل خطوة مهمة نحو ترسيخ مكانتها الأمنية والدبلوماسية في منطقة أوراسيا. هذه المنظمة، التي تأسست عام 2001، تتمثل مهمتها الأساسية في تعزيز السلام والاستقرار والتعاون الإقليمي، كما أنها تنشط في مكافحة «الشرور الثلاثة» المتمثلة في الإرهاب والانفصالية والتطرف. ومع الانضمام إلى هذا التكتل، فإن إيران لم توائم نفسها مع آلية أمنية قوية فحسب، بل حصلت أيضاً على منصة لتعزيز أهدافها الأمنية الوطنية والإقليمية.
ومن أبرز مزايا هذه العضوية، حصول إيران على إمكانية الاستفادة من الهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب التابع للمنظمة (RATS)، وهو جهاز دائم يتخذ من طشقند، أوزبكستان، مقراً له. ويُعد هذا الجهاز أداة حيوية للدول الأعضاء لتعزيز التعاون ضد التهديدات الأمنية العابرة للحدود، بما في ذلك الإرهاب وتهريب المخدرات والجريمة المنظمة. إن مشاركة إيران النشطة في هذا الإطار تتيح لها تنسيقاً أوسع مع شركائها مثل الصين وروسيا، وتعزز قدرة طهران على صياغة ديناميات الصراع، وفي الوقت نفسه مواجهة التحديات الأمنية المشتركة. ويُعد هذا التعاون الأمني ميزة استراتيجية مباشرة، إذ يوفر إطاراً لتبادل المعلومات وتنظيم التدريبات والمناورات المشتركة، وهو أمر بالغ الأهمية لدولة تقع عند تقاطع عدة صدوع جيوسياسية.
وعلاوة على الأبعاد الأمنية، توفر منظمة شنغهاي للتعاون تضامناً سياسياً ودعماً دبلوماسياً ذا قيمة للدول الأعضاء، وخاصة لإيران. فالمبدأ الأساسي المنصوص عليه في ميثاق المنظمة، وهو «الاحترام المتبادل والسيادة الوطنية»، يتماشى بشكل وثيق مع عقيدة السياسة الخارجية الإيرانية. إن هذا التأكيد على مبدأ عدم التدخل يخلق عنصراً موازناً قوياً في مواجهة ضغوط الغرب والنزعة الأحادية. وقد تجلى مثال بارز على هذا التضامن السياسي في القمة الأخيرة بمدينة «تيانجين»، حيث شدد البيان المشترك للأعضاء على الإدانة الصريحة لأي اعتداء على أراضي إيران. ويُعد ذلك اليوم بمثابة إظهار بارز لدعم هذا التكتل لجميع أعضائه. هذا التماسك السياسي، حتى وإن لم يكن مطلقاً في جميع القضايا، يشكل درعاً دبلوماسياً ذا قيمة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في الساحة الدولية.


إن طبيعة منظمة شنغهاي للتعاون ككتلة براغماتية تمثل ميزة استراتيجية رئيسية بالنسبة لإيران. فبينما تُعتبر هذه المنظمة على نطاق واسع وزناً موازناً في مواجهة المؤسسات التي يقودها الغرب مثل حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، فإنها ليست تحالفاً عسكرياً رسمياً قائماً على معاهدة دفاع جماعي. هذه السمة لا تعكس ضعف المنظمة، بل هي خيار مقصود واستراتيجي يصب في مصلحة إيران. فتحالف غير عسكري يتيح لإيران المشاركة في تعاون أمني قوي مع قوى كبرى مثل الصين وروسيا دون تعريض مصالحها للخطر، وفي الوقت نفسه الحصول على الدعم من دون الانخراط في صراعات عسكرية رسمية. هذا الهيكل المرن أكثر صلابة وشمولية، إذ يمكنه أن يضم أعضاء ذوي مصالح تقليدية متباينة مثل الهند وباكستان. ويُعد هذا النموذج من التعاون المتكافئ إطاراً أكثر استدامة لعالم متعدد الأقطاب مقارنة بكتلة عسكرية جامدة وتصادمية. ومع انضمامها إلى هذا المنتدى البراغماتي وغير التصادمي، وفرت إيران لنفسها منصة تجلب منافع أمنية ودبلوماسية ملموسة، وفي الوقت ذاته تحافظ على استقلالها الاستراتيجي.
طريق الحرير الجديد، محرّك اقتصادي محتمل
العضوية الكاملة لإيران في منظمة شنغهاي للتعاون تفتح طيفاً واسعاً من الفرص الاقتصادية التي تُعد محورية في استراتيجيتها بعيدة المدى لتقليص أثر العقوبات وتعزيز النمو الاقتصادي. فمن المنظور الاقتصادي، تمنح هذه المنظمة إيران إمكانية الوصول إلى بعض من أكبر وأكثر الأسواق حيوية في العالم، وتضعها كقطب حيوي في مسارات التجارة الأوراسية.
إن الموقع الجغرافي الفريد لإيران، الذي كان تاريخياً محوراً رئيسياً على طول طريق الحرير القديم، يجعل منها «جسراً طبيعياً بين الشرق والغرب». وبصفتها عضواً في منظمة شنغهاي للتعاون، تستطيع إيران استثمار هذا الموقع الاستراتيجي لتؤدي دور مركز ترانزيت حيوي للبضائع المنقولة من الغرب إلى الشرق ومن الشمال إلى الجنوب عبر أوراسيا. وتتضاعف هذه القدرة من خلال مشاركتها النشطة في المشاريع البارزة لمبادرة «الحزام والطريق» الصينية (BRI)، مثل تطوير ميناء تشابهار. هذه المشاريع في البنية التحتية تعزز الروابط البرية والبحرية، وتوفر أدوات ملموسة لتجاوز القيود الناجمة عن الحصار والعقوبات الغربية.
الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون يفتح كذلك أبواباً مهمة أمام الاستثمار والتجارة في القطاعات الاستراتيجية. فإيران باتت قادرة الآن على زيادة صادراتها من الطاقة والسلع غير النفطية بشكل أكثر فاعلية إلى اقتصادات كبرى مثل الصين والهند. كما أن تركيز المنظمة على الاستثمار في الطاقات النظيفة، والتكنولوجيا، والاقتصاد الرقمي، يتيح لإيران مساراً لتنويع اقتصادها والانتقال إلى مستويات أعلى في سلاسل القيمة. ومن خلال مواءمة سياساتها للتنمية المستدامة مع الدور الريادي العالمي للصين في مجال الطاقات المتجددة، تستطيع إيران جذب الاستثمارات ونقل التكنولوجيا التي تحتاجها.
وتتجاوز المنافع الاقتصادية لعضوية منظمة شنغهاي للتعاون مجرد التجارة والاستثمار. فالمنظمة تعمل بنشاط على إنشاء نظام مالي بديل يقلل من الاعتماد على المؤسسات الغربية والدولار الأميركي. ويُعد هذا المسار خطوة استراتيجية لمواجهة الأحادية وزيادة قدرة الدول الأعضاء على الصمود في وجه الضغوط الاقتصادية الغربية. ومن أبرز هذه الخطوات، قرار الدول الأعضاء تأسيس بنك تنمية جديد ضمن إطار منظمة شنغهاي للتعاون، وهو مؤسسة مالية تهدف إلى تمويل المشاريع الحيوية للبنية التحتية والتنمية عبر هذا التكتل.
وبالنسبة لإيران، يمثل هذا البنك الجديد مصدراً حيوياً لرأس المال، بعيداً عن العقوبات الغربية وأدواتها السياسية. وهذا التحول لا يقتصر على مجرد الالتفاف على العقوبات، بل يشمل بناء هيكل اقتصادي موازٍ وجديد بشكل فاعل. ومن خلال المشاركة في هذه المبادرات، لا تكتفي إيران بالرد على ضغوط الغرب، بل تعمل بنشاط واستراتيجية على «ترسيخ دورها المحوري» كمحرّك اقتصادي لعالم متعدد الأقطاب.


تحالف البريكس وإعادة تعريف الحوكمة الاقتصادية العالمية
انضمام إيران إلى تحالف البريكس يُعد حدثاً مهماً يعزز مكانة البلاد على الساحة الاقتصادية العالمية بشكل ملحوظ. فالبريكس، الذي أصبح بعد إضافة إيران ودول أخرى في عام 2024 يضم أحد عشر عضواً، تحول إلى قوة فاعلة لإصلاح نظام الحوكمة الاقتصادية العالمية. ويُمثل البريكس الموسع جزءاً كبيراً من سكان العالم وإنتاجه الاقتصادي، مع حجم الناتج المحلي الإجمالي (وفقاً لتعادل القوة الشرائية) الذي تجاوز مجموعة السبع. وهذه المكانة الاقتصادية تمنح المجموعة المصداقية والنفوذ اللازمين لمتابعة أهدافها الرئيسية في تعزيز الشرعية، وتحقيق المساواة في المشاركة، ورفع الكفاءة أمام مؤسسات مثل الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي.
ويترجم هذا النفوذ الجماعي في إنشاء آليات مالية بديلة. فبنك التنمية الجديد (NDB) و«اتفاقية الاحتياطي الطارئ» هما مؤسستان صُممتا لتوفير مسار جديد لتمويل التنمية والسيولة، وتقليل اعتماد الدول الأعضاء على المؤسسات الخاضعة للغرب. وبالنسبة لإيران، يُعد الوصول إلى بنك التنمية الجديد مفيداً بشكل خاص، لأنه يوفر رأس المال الحيوي للمشاريع التنموية القادمة التي قد تتوقف في ظل العقوبات الغربية.
أحد الأهداف الرئيسية للبريكس، خصوصاً بدعم القوى الكبرى مثل روسيا والصين، هو تقليل هيمنة الدولار. يسعى هذا التحرك إلى خفض سيطرة الدولار الأميركي على التجارة والاقتصاد الدولي، وبالتالي تحييد أحد الأدوات الرئيسة للهيمنة والإكراه الاقتصادي الأمريكي. بالنسبة لإيران، يُعد هذا ميزة استراتيجية عميقة. فتعزيز التجارة بالعملات الوطنية من قبل التحالف وتطوير أنظمة دفع بديلة، مثل «جسر البريكس» القائم على البلوك تشين، يتماشى مباشرة مع الهدف الاستراتيجي لإيران في الالتفاف على العقوبات الأمريكية وتثبيت عملتها. ويعكس هذا الجهد الجماعي لبناء هيكل مالي جديد التزاماً طويل الأمد بتحدي النظام المالي العالمي القائم تحت هيمنة الغرب وأمريكا، ويشكل بحد ذاته ميزة استراتيجية رئيسية لإيران.
المعايير الاقتصادية
المعايير | البريكس | مجموعة السبع |
---|---|---|
السكان | 46٪ من إجمالي سكان العالم | ~10٪ من إجمالي سكان العالم |
الناتج المحلي الإجمالي (وفقاً لتعادل القوة الشرائية) | >36٪ من الناتج العالمي | ~31٪ من الناتج العالمي |
يوضح هذا الجدول القوة الاقتصادية الكبيرة لتحالف البريكس وقدرته على لعب دور كوزن موازن اقتصادي وسياسي فعلي مقابل التكتلات الغربية التقليدية.
منصة لتوسيع الدبلوماسية والعلاقات الدولية
تحالف البريكس يتجاوز كونه مجرد كتلة اقتصادية؛ فهو «منتدى للتنسيق السياسي والدبلوماسي» للجنوب العالمي. بالنسبة لإيران، التي تواجه ضغوطاً دبلوماسية كبيرة من الأمريكيين والإسرائيليين على الساحة الدولية، تمنح العضوية في البريكس مستوى مقبولاً من الشرعية ومنصة قوية لتعزيز صوتها. وهذا التأييد من مجموعة متنوعة من الاقتصادات الكبرى العالمية، بما في ذلك الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، يتجاوز الدعم الدبلوماسي التقليدي الذي تتلقاه إيران من الصين وروسيا. ويبعث هذا الإجراء رسالة واضحة للطرف المقابل تفيد بأن إيران يمكن أن تتقدم دون الانخراط الدبلوماسي مع الغرب، ومواجهة العزلة التي فرضتها واشنطن وأوروبا.
ويعمل البريكس كمنتدى للحوار والنفوذ في مجموعة واسعة من القضايا العالمية. تتيح مشاركة إيران للبلاد الدفاع بنشاط عن مواقفها، بدءاً من إدانة العدوان الإسرائيلي وصولاً إلى دعم إصلاح المؤسسات الحاكمة العالمية. وتُظهر قدرة إيران على التعبير عن وجهات نظرها وحتى تقديم ملاحظات على البيانات المشتركة، مثل موقفها بشأن حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أن هذا المنتدى يوفر مساحة للأعضاء لإيصال مصالحهم الوطنية. ويُعد هذا إنجازاً دبلوماسياً بارزاً، إذ يدل على أن إيران عضو مهم يُستمع لصوته ويُؤخذ بعين الاعتبار.
ويعد إدراج إيران جنباً إلى جنب مع منافسيها الإقليميين، مثل السعودية والإمارات، ضمن توسيع البريكس شهادة على البنية الفريدة لهذا التحالف وانتصاراً استراتيجياً للاستقرار الإقليمي. ويعزز هذا الإجراء الجريء، من خلال توفير مساحة جديدة ومحايدة للحوار بين هذه الدول، جهود الصين الأخيرة في الوساطة من أجل المصالحة وتعزيز الاستقرار الإقليمي والمساهمة في خفض التوترات.
شنغهاي والبريكس، مختلفان لكنهما يكملان بعضهما البعض
قرار ایران لمتابعة العضوية الكاملة في كل من منظمة شنغهاي للتعاون والبريكس يخلق تآزراً قوياً يزيد من نفوذها الاستراتيجي إلى أقصى حد. للوهلة الأولى، قد يبدو أن للمنظمتين أهداف متداخلة، إلا أن وظائفهما الأساسية وتركيزهما الاستراتيجي يكملان بعضهما البعض. ويوفر هذا النهج استراتيجية شاملة ومتماسكة لإيران نحو التكامل العالمي.
تركز منظمة شنغهاي للتعاون في المقام الأول على البُعد الإقليمي، مع التركيز على الدمج المادي والأمني عبر أوراسيا. وتكمن القيمة الأساسية لها بالنسبة لإيران في دورها في التعاون الأمني الإقليمي، والارتباط من خلال مشاريع مثل مبادرة الحزام والطريق (BRI)، وتركيزها على مسارات النقل وأمن الطاقة. وتوفر هذه المنظمة حلاً للتحديات الملموسة والعملية في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن الإقليمي في جوار إيران القريب.
أما البريكس، فيُمثل منتدىً عالمياً يتعامل مع التحديات المالية والدبلوماسية على الساحة الدولية. وتنبع قيمته الأساسية لإيران من تركيزه على إصلاح الحوكمة الاقتصادية العالمية، وإنشاء هياكل مالية بديلة، وتوفير منصة للشرعية الدبلوماسية على المستوى العالمي. واستراتيجية إيران في الجمع بين هاتين النقطتين القويتين تشكل نهجاً ذكياً للغاية.
المنظمة | التركيز الاستراتيجي | الميزة الأساسية لإيران |
---|---|---|
منظمة شنغهاي للتعاون | تعزيز الأمن الإقليمي وتوسيع الروابط | تسهيل التجارة وتعزيز الأمن، خصوصاً فيما يتعلق بالتحديات الجديدة |
البريكس | الحوكمة الاقتصادية العالمية والإصلاح المالي | توفير آليات مالية بديلة وشرعية دبلوماسية عالمية |
من خلال العضوية في كلتا المنظمتين، أنشأت إيران حلاً استراتيجياً شاملاً وقوياً لتحدياتها؛ إذ يمكنها تسهيل التجارة والنقل المادي عبر شبكة منظمة شنغهاي، بينما تضمن التسويات والمعاملات المالية عبر أنظمة وهيئات البريكس البديلة. هذا النهج الشامل يجعل سياستها الخارجية أكثر تكاملاً وأقل عرضة للتأثر بأي اضطراب في مجال واحد. ويُمثل هذا السيناريو فوزاً مزدوجاً للتحول الاستراتيجي لإيران من الأحادية الغربية نحو نظام عالمي أكثر عدالة، وقد يصبح نجاحها في دمج هذه الكتل نموذجاً للدول الأخرى التي تسعى لتعزيز سيادتها وتقليل اعتمادها على المؤسسات الغربية.


مسار إيران نحو لعب دور فاعل ومستدام على المستوى العالمي
تشكل العضوية الكاملة لإيران في منظمة شنغهاي للتعاون وتحالف البريكس نقطة تحول مهمة وتاريخية في سياستها الخارجية. ويؤكد التحليل الذي ورد في هذا التقرير أن هذا الإجراء ليس رمزياً فحسب، بل هو دليل على تنفيذ ناجح لرؤية استراتيجية طويلة المدى. توفر هذه الاستراتيجية المزدوجة منافع ملموسة تتصل بالمصالح الوطنية الأساسية لإيران.
- أولاً، من الناحية الاقتصادية، حصلت إيران على أسواق جديدة واسعة وأنظمة مالية بديلة. ومن خلال الاستفادة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي ضمن منظمة شنغهاي ودعم جهود تقليل الاعتماد على الدولار ضمن البريكس، تتجه طهران نحو ابتكار هيكل اقتصادي جديد ومقاوم للعقوبات. هذا النهج الاستباقي حول موقف إيران من حالة دفاعية ومعزولة إلى وضع هجومي ومتكامل.
- ثانياً، في المجال الأمني، توفر عضوية منظمة شنغهاي منصة براغماتية للتنسيق المتقدم لمكافحة الإرهاب والتضامن السياسي. ويشكل تأكيد هذا التكتل على احترام استقلال وسيادة الأعضاء وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية وزناً دبلوماسياً موازناً حيوياً أمام الضغوط الخارجية، مما يمكّن إيران من التعاون مع القوى الكبرى مع الحفاظ على استقلالها.
- ثالثاً، من الناحية الدبلوماسية، أعادت عضوية البريكس بفاعلية تعزيز مكانة إيران الدولية، ووفرت منصة يُستمع فيها إلى صوتها وتحترم مواقفها بين الاقتصادات الناشئة الرائدة في العالم. ويظهر هذا الإدراج، حتى في ظل التعقيدات الداخلية، التزام هذا التكتل بخلق نظام عالمي أكثر شمولية وعدلاً.
بشكل عام، تلعب منظمة شنغهاي والبريكس أدواراً مكملة ومعززة لبعضها البعض. فتنشئ منظمة شنغهاي إطاراً أمنياً وإقليمياً للتعاون في أوراسيا، بينما توفر البريكس البنية المالية والدبلوماسية العالمية للنظام العالمي الجديد. ومن خلال الاندماج الناجح في كلا التكتلين، لم تكسر إيران عزلة دبلوماسية فحسب، بل يمكنها أيضاً أن تثبت نفسها كلاعب محوري وضروري في تشكيل عالم متعدد الأقطاب جديد.
نهاية النظام الأمريكي؛ لماذا وكيف؟
المصادر
.
https://eng.sectsco.org/documents/
لا وجهات النظر